مـيـرا جـزيـنـي
لم تهدأ بعد المخاوف التي أثارها كلام الموفد الاميركي توم برّاك.
وإن هو اختصر مشهداً سياسياً بالغ الحساسية يعكس حجم التحديات التي يواجهها لبنان في المرحلة الراهنة.
فإقرار برّاك أمام بعض من التقاهم في نيويورك بقلقه العميق من احتمال تجدّد الحرب الإسرائيلية على لبنان...
مؤشر إلى رغبة واضحة في إرسال إنذار مباشر إلى المسؤولين.
هذا الموقف أصبغه ببعض من الديبلوماسية حين شدّد على أن إسرائيل ماضية في برنامجها، لا لسحب سلاح حزب الله بالقوة فحسب.
بل لمعاقبة الدولة نفسها على تقاعسها في أداء ما تعتبره واشنطن واجباً عليها.
فُهمت هذه التصريحات كإشارة أميركية عالية النبرة، أقرب إلى تحذير صريح، تجاه مسار “حصرية السلاح”...
الذي التزمت به الحكومة وبدأ الجيش تنفيذه وفق خطة متدرجة حظيت بمباركة مجلس الوزراء مطلع أيلول.
لكن وقع الرسالة أحدث ارتباكاً واسعاً في الداخل، إذ ارتسمت مخاوف من أن تجد إسرائيل في هذا الموقف مبرراً إضافياً لتوسيع غاراتها وتصعيد عملياتها في العمق اللبناني.
بالتوازي، وجد حزب الله في هذه الأجواء أرضية لتعزيز خطابه المعارض...
مستثمراً الموقف الأميركي لتكثيف هجماته السياسية على الحكومة والتشكيك بمجمل مسار حصر السلاح.
في المقابل، كان لافتاً ما رشح عن اجتماعات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في نيويورك مع مسؤولين أميركيين، وتحديداً مع وزير الخارجية ماركو روبيو.
إذ بدا أنّ الصورة مغايرة تماماً لكلام الموفد الرئاسي الأميركي.
فبحسب مصادر مطلعة، لم يكن الجو في الاجتماع متوتراً على غرار تصريحات برّاك، بل اتّسم بقدر من التفهّم.
وطلب روبيو من عون شرح تفاصيل خطة الجيش للسيطرة على السلاح خارج الدولة، واستمع بإمعان إلى مراحله وآلياته.
كما أكد دعماً واضحاً لمطلب لبنان بتجهيز الجيش وتمويله بما يمكّنه من إنجاز المهمة.
وهو تعهّد بأن هذا الدعم سيأتي تدريجياً بالتوازي مع تقدّم الخطة.